إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح لمعة الاعتقاد
199565 مشاهدة
الإرادة الشرعية

وأما الإرادة الشرعية الدينية فهي الأوامر والنواهي؛ سواء حصلت أو لم تحصل، فنقول: مثال ذلك: إن الله أراد منا جميعا الإيمان إرادة شرعية لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ خطاب للناس كلهم أن يتقوا، أراد الله تعالى دينا وشرعا من الخلق كلهم أن يتقوه، وخلقهم لعبادته؛ لقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي من.. آمرهم وأنهاهم، فكل ذلك داخل في إرادة الله تعالى الدينية.
نعرف أيضا أن هذه الإرادة الدينية الشرعية لا يلزم وجود مراده.. فقد يريد الله تعالى من هذا الطاعة فلا يطيع، يريد من هذا الإيمان فلا يؤمن؛ لأن الله ما أراده كونا وقدرا.
فمن أراد الله تعالى هدايته كونا وقدرا اهتدى، ومن أراد الله هدايته من أمره الله تعالى بالاهتداء دينا وشرعا فقد يهتدي وقد لا يهتدي.
فالإرادة الشرعية محبوبة عند الله يحب مرادها، وقد يوجد مرادها وقد لا يوجد، فأراد الله تعالى من المؤمنين الإيمان دينا وشرعا فآمنوا، وأراد الله من الكفار الإيمان دينا وشرعا فلم يؤمنوا، أراد الله الإيمان من الخلق كلهم وأحبه منهم ولكن منهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن.
وأراد الله جميع أفعال العباد؛ يعني جميع ما يحدث في الكون أراده قضاء وقدرا، فحصل ذلك بإرادة الله.